في كل مرحلة عمرية، يبدأ الطفل تدريجيًا بالسعي إلى الاستقلال عن والديه، سواء من خلال رغبته في ارتداء ملابسه بنفسه، أو إصراره على اتخاذ قراراته الخاصة. وهنا يأتي دور الأم في تحقيق المعادلة الصعبة: منح الطفل الاستقلالية دون أن يشعر بأنه متروك أو مرفوض. هذا التوازن لا يحدث بالصدفة، بل يحتاج إلى وعي، وصبر، وتدرج مدروس. إليكِ كيف تفعلين ذلك خطوة بخطوة: 1- افهمي معنى الاستقلالية من منظور الطفل الاستقلالية لا تعني فقط أن يأكل الطفل وحده أو يربط حذاءه، بل تعني أن يشعر بأنه قادر ومسموع ومحترم. ما يحتاجه الطفل هو أن تُتاح له الفرصة ليجرب، يخطئ، ويتعلّم، ضمن بيئة آمنة تشعره بالاحتواء لا بالضغط.   2- لا تفرضي، بل امنحي اختيارات بدل أن تقولي له "ارتدِ هذا"، جرّبي: "تريد أن تلبس القميص الأزرق أم الأحمر اليوم؟" بهذه الطريقة، أنت تضعين الحدود، لكن تتركين له مساحة ليشعر أنه صاحب القرار.   3- امنحيه مهامًا بسيطة تعزز ثقته الأطفال يعشقون الشعور بأنهم "مفيدون". خصصي له مهام يومية تناسب عمره، مثل ترتيب ألعابه، سكب الماء، أو مساعدتكِ في إعداد الطاولة. لا تسعي للكمال، بل شجّعيه على المحاولة وامدحي مجهوده.   4- لا تربطي بين الاستقلال والحب احذري العبارات مثل: "إذا لم تفعل كذا، لن أحبك!" أو "أنا حزينة منك لأنك لم تكن ولدًا جيدًا!" فالطفل يحتاج أن يعرف أن حبك غير مشروط، وأنكِ تدعمينه حتى حين لا ينجح.   5- كوني داعمة عند الفشل لا ناقدة عندما يفشل في ارتداء حذائه مثلًا، لا تسارعي لفعل ذلك عنه أو توبيخه. بدلًا من ذلك، قولي: "رائع أنك حاولت بنفسك، دعنا نحاول سويًا بطريقة أخرى." الطفل يتعلم من التشجيع أكثر بكثير من التوبيخ أو المساعدة الفورية.   6- راقبي دون أن تتدخلي دائمًا اتركي له مساحة ليلعب وحده، أو يحلّ مشاكله البسيطة مع إخوته دون تدخّل مباشر في كل مرة. دورك هو أن تكوني مراقبة حنونة، لا مديرة صارمة. تعليم الطفل الاستقلال لا يعني تركه، بل دعمه ليكتشف نفسه بثقة وأمان. هو طريق طويل لكنه ضروري لتنشئة طفل قوي، مسؤول، ومتوازن نفسيًا. حين يشعر الطفل أن استقلاله لا يعني فقدان حبك أو اهتمامك، سيكون أكثر استعدادًا لخوض الحياة بشجاعة.